تمر اليوم الذكرى التاسعة لوفاة محمد عبود “السنجأ” نجم النادي المصري خلال فترة السبعينيات وأحد رموز القلعة الخضراء ونجومها على مدار تاريخها الطويل، وخلال السطور التالية نستعرض معًا أبرز المحطات في حياة نجمنا الراحل “السنجأ”.
ولد نجمنا محمد محمد عبود السيد في الخامس عشر من مارس عام 1947 ، وكعادة أبناء بورسعيد بدأ في مداعبة كرة القدم منذ نعومة أظفاره فلفت أنظار الجميع إليه بتحكمه البارع في كرة “الطزة” التي كان يروضها بسهولة ويسر فذاع صيته منذ الصغر بين أقرانه وصار الفريق الذي يضم “السنجأ” هو الأشهر بحي المناخ.
الشهرة الكبيرة التي صاحبته منذ الصغر ،دفعت عدد من كشافي النادي المصري لاصطحابه إلى الراحل القدير حلمي مصطفى نجم المصري الدولي الأسبق الذي ضمه على الفور لفرق الأشبال بالقلعة الخضراء، واستمر بصفوف فرق الأشبال حتى بلغ من العمر سبعة عشر عامًا لم ينل خلالها فرصة التصعيد إلى الفريق الأول الذي كان يذخر آنذاك بالنجوم.
شعر نجمنا الراحل أن فرصته في اللعب لصفوف الفريق الأول بالمصري صعبة للغاية فطلب الرحيل في عام 1965 إلى صفوف فريق بورفؤاد الذي كان ينشط آنذاك في صفوف الدرجة الثانية.
وفي بورفؤاد ينال “السنجأ” الفرصة التي لم يفرط فيها على الإطلاق ، ورغم صغر عمره إلا أنه وبصحبة زميليه الناشئين سعد مبارك وعبد العزيز بدران كانوا من العناصر الأساسية لفريق الضاحية الهادئة الذي كان يضم آنذاك عدد من النجوم يتقدمهم الحارس الدولي فيما بعد حسن مختار وقدري وفاروق عبد العزيز وابراهيم اسكندر وحسن أمين وغيرهم من النجوم.
واستمر “السنجأ” في التألق في صفوف بورفؤاد لمدة موسمين تلقى خلالهما العديد من العروض للانتقال إلى عدد من أندية الدوري الممتاز إلا أن تلك العروض قوبلت بالرفض من قبل نادي بورفؤاد.
ويتوقف النشاط الكروي عقب عدوان يونيو عام 1967 ، ويبدأ “السنجأ” في أداء خدمته العسكرية على الجبهة ، فيتألق بشدة في دوري القوات المسلحة وصار حديث الجميع بمهارته الفائقة وقدرته الهائلة على التحكم بالكرة.
ومع بداية الحديث عن عودة النشاط الكروي، ينجح الراحل القدير محمد لهيطة مدير الكرة التاريخي بالنادي المصري في اقناع مسئولي نادي بورفؤاد بالاستغناء عن “السنجأ” وبرفقته النجوم سعد نور ، عبد العزيز بدران ، حسن الفلاح ، سمير ياسين للانضمام للمصري مطلع موسم 1972/1971 ، وهو الموسم الذي شهد بزوغ نجم الراحل محمد عبود “السنجأ” ، والذي كان آنذاك هو النجم الأوحد للنادي المصري في ذاك الموسم الصعب الذي تم الغاءه مبكرًا بعد أحداث الشغب التي حدثت خلال مباراة الأهلي والزمالك الشهيرة.
ويأتي موسم 1973/1972 ليشهد نجاح المصري في ضم الراحل العظيم مسعد نور من صفوف ناشئي الزمالك ، ليشكل مسعد نور والسنجأ ومعهما الناشئ سمير التفاهني ثلاثيًا للهجوم لا يشق له غبار ، وكان لهذا الثلاثي فضل كبير في نجاح المصري في الحفاظ على تواجده وسط الكبار رغم الصعوبات الهائلة التي واجهها أبناء بورسعيد الباسلة بسبب ويلات التهجير.
ومن المباريات التي لا تنسى لنجمنا الراحل محمد عبود “السنجأ” ، مباراة المصري والأهلي بكأس مصر والتي جرت في الحادي عشر من مايو عام 1973 وهي المباراة التي كان نجمها الأوحد هو “السنجأ” ، فبعد تأخر المصري بثلاثة أهداف نظيفة ، ينجح السنجأ في احراز هدفين متتاليين للمصري أشعل بهم المباراة التي ظلت جماهير المصري تتندر كثيرًا بأن حكم المباراة قد أنهى المباراة مبكرًا عن موعدها بعد احراز المصري لهدفيه.
وظل “السنجأ” ذلك النجم القصير المكير خلال فترة النصف الأول من السبعينيات أحد مكامن الخطورة في النادي المصري لذا تم ضمه للمنتخب الوطني والمنتخب العسكري في تجمعات عديدة ظهر خلالها “السنجأ” بمستوى فني وبدني طيب للغاية.
ونجح نجمنا الراحل “السنجأ” خلال تلك الفترة في احراز أربعة عشر هدفًا للمصري بالدوري الممتاز ، بالإضافة إلى أهدافه كذلك ببطولة الكأس ، ليتلقى “السنجأ” العديد من العروض سواء داخل مصر أو خارجها ، إلا أن مسئولي المصري رفضوا بشكل تام التفريط في نجمهم الذي صار أحد أهم نجوم القلعة الخضراء خلال تلك الفترة الذاخرة بالنجوم.
ورغم تأثر “السنجأ” باصاباته المتتالية إلا أن كافة المديرين الفنيين الذين تولوا تدريب المصري خلال النصف الثاني من السبعينيات كانوا حريصين تمامًا على قيده بقائمة الفريق ايمانًا منهم بموهبته الفائقة وقدرته على صُنع الفارق رغم تخطيه الثلاثين عامًا.
ومع مطلع الثمانينيات يعلن “السنجأ” اعتزاله لكرة القدم بعد مشوار كبير مع الكرة ، لتستعين به كافة مجالس ادارات النادي المصري للعمل مستشارًا كرويًا نظرًا لعينه الخبيرة ورؤيته الثاقبة.
ويستمر مشوار الراحل القدير “السنجأ” مع القلعة الخضراء ، ويحزن كثيرًا لرحيل توأمه الروحي كاستن بورسعيد مسعد نور في الثالث والعشرين من أبريل عام 2011 ، وما هي إلا أيام قليلة حتى يصاب “السنجأ” بأزمة قلبية حادة تلقي بظلالها على هذا النجم حتى وافته المنية في الأول من يوليو عام 2011 عن عمر يناهز الثالثة والستين عامًا ، لتخرج جماهير بورسعيد عن بكرة أبيها لتشيع هذا النجم إلى مثواه الأخير وسط حالة من الحزن الشديد على نجمهم القدير الذي أجزل العطاء لناديه فاستحق أن يكتب اسمه ضمن أساطير القلعة الخضراء.