وُلد نجمنا محمود عبادي في الثاني عشر من فبراير عام 1945 ، بدأ في ممارسة كرة القدم في شوارع بورسعيد فتلقفته العين الخبيرة وقدمته إلى الكابتن عادل الجزار نجم النادي المصري والذي كان يقوم في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات بتدريب أشبال النادي المصري في الفترة التي كان يدرس خلالها في معهد التربية الرياضية بالهرم قبل اعتزاله كرة القدم بسنوات.
استطاع الراحل العظيم عادل الجزار تقديم جيل قوي من اللاعبين الذين حصلوا على رعاية واعتناء الجميع داخل النادي المصري بدايةً من عبد الرحمن باشا لطفي رئيس النادي المصري آنذاك ومحمد موسى أفندي سكرتير النادي وأحد رموزه التاريخيين.
وبمرور الوقت أصبح فريق المصري تحت 16 عام (المرحلة العمرية مواليد 1945 ، 1946 ) هم محط أنظار الجميع ، حيث كان الفريق يضم نخبة من اللاعبين المتميزين يتقدمهم محمود عبادي وتيسير عباس وسمير الغزناوي ومحسن عرجان وأحمد مرزوق ومدحت فقوسة ومحمد عبد الحليم وعبد الله عبد اللطيف ومحمد الفقي ونظمي زين العابدين وعفيفي حسن والسحراوي وعاطف الحمامي ومصطفى الحمامي وعبود الخضري ومحمد نظيم.
واستطاع عدد كبير من نجوم هذا الجيل ومن بينهم محمود عبادي أن يحصل لمدرسة بورسعيد الثانوية على لقب بطولة المدارس الثانوية على مستوى الجمهورية وذلك بعد تغلبهم في المباراة النهائية التي أقيمت بالقاهرة على مدرسة الاسماعيلية الثانوية.
لم يكد نجمنا محمود عبادي يتم من العمر سبعة عشر عامًا ، حتى رشحه مدربه عادل الجزار للتصعيد إلى الفريق الأول خلال موسم 1963/1962 والذي كان يضم في تلك الفترة في خط الهجوم مجموعة كبيرة من اللاعبين يتقدمهم السيد الضيظوي ومحمد شاهين وعبد الرؤوف رزق وعوض الحارتي وغيرهم من النجوم.
حصل عبادي خلال تلك الفترة على ثقة زملائه وخاصةً السيد الضيظوي الذي احتضن موهبة عبادي الذي شغل خلال تلك الفترة مركز الجناح الأيسر ، فكان الضيظوي يتفق معه على عدد من الكرات خلال المران لينفذها عبادي بدقة وهو الأمر الذي دفع الضيظوي إلى المطالبة بمشاركة عبادي أساسيًا لارتياحه باللعب إلى جواره وللتفاهم الواضح معه في الملعب.
ولم يؤثر التحاق عبادي بمعهد التربية الرياضية بضاحية أبي قير بالاسكندرية على انتظامه بتدريبات فريقه فكان شغوفًا بالانتظام في التدريبات لأقصى درجة وهو الأمر الذي حاز معه ثقة مسئولي المصري في تلك الفترة.
وبمرور الوقت يفرض عبادي نفسه أساسيًا على تشكيلة المصري وينال ثقة اليوغسلافي كوكيزا المدير الفني للمصري في ذاك الوقت ومن بعده عبد العزيز الولف وعادل الجزار والذين منحوه الفرصة للمشاركة الأساسية بعدما لفت إليه الأنظار برشاقته وخفة حركته وسرعته الفائقة لتلقبه الجماهير بلقب النفاثة.
وكان هدف عبادي في مرمى الترسانة القوي خلال المباراة التي أقيمت على ستاد المصري في السادس والعشرين من نوفمبر عام 1965 بوابة لدخوله قلوب جماهير المصري التي احتفت به كثيرًا عقب المباراة وحملته على الأعناق بعدما أحرز الهدف في الدقيقة الأخيرة من اللقاء.
ويجئ الموسم التالي (1967/1966) ، ويواصل عبادي المشاركة بصفة أساسية مع الفريق ، وينجح في احراز عدد من الأهداف المؤثرة مع الفريق ، ومنها احرازه لهدف التعادل للمصري في مرمى الاتحاد بالاسكندرية في المباراة التي أقيمت بالاسكندرية في العاشر من مارس عام 1967 وانتهت بالتعادل بثلاثة أهداف لكل فريق ، كما سجل هدفًا أخر في شباك غزل المحلة في المباراة التي أقيمت ببورسعيد في الحادي والثلاثين من مارس عام 1967 وانتهت بفوز المصري بهدفين للاشئ.
وعقب عدوان يونيو 1967 ، يتوقف النشاط الكروي وينتقل نجمنا محمود عبادي إلى الاسكندرية للعمل بها بوزارة التربية والتعليم ، ويظل هناك لسنوات حتى عاد النشاط الكروي موسم 1972/1971 ، فيعود عبادي من تلقاء نفسه إلى رأس البر “المقر المؤقت للنادي المصري آنذاك” ورغم صعوبة الانتقال ومشقته من الاسكندرية لرأس البر ، لم يتخلف عبادي يومًا عن مباريات الفريق وتدريباته فكان أحد نجوم الفريق خلال تلك الفترة ، ولا ينسى الكثيرون لعبادي هدفه في مرمى الأوليمبي بالمباراة التي جرت بالاسكندرية في الرابع عشر من أكتوبر عام 1972 والتي فاز خلالها المصري بهدف نظيف ، حيث اعتبر النقاد أن نتيجة تلك المباراة هي أحد أهم مفاجأت الدوري نظرًا للمعاناة التي يلاقيها فريق المصري خلال فترة التهجير من جهة ، ولقوة فريق الأوليمبي خلال تلك الفترة من جهة أخرى ، وكان فوز المصري بنقطتي هذه المباراة أحد العوامل الأساسية لضمان بقاء النادي المصري بالدوري في ذاك الموسم (1973/1972).
ويستمر عبادي في مشواره مع المصري حتى اطمئن تمامًا على فريقه الأثير بعد عودته إلى بورسعيد عقب نصر اكتوبر المجيد ، ليعلن اعتزاله للكرة ، ويتفرغ للعيش بالاسكندرية ، ويستمر في العمل بوزارة التربية والتعليم حتى تقاعده عن العمل مطلع العام 2005.
عطاء كبير للقلعة الخضراء لنجمنا محمود عبادي أطال الله في عمره ، هذا النجم الذي عاصر جيلين من أقوى أجيال النادي المصري في مرحلتي ما قبل عدوان 1967 ، وما بعد التهجير ، فكان القدوة والمثل للاعبي المصري بأخلاقه وعطاءه المخلص للنادي المصري.