كنا قد وصلنا من خلال قراءتنا بدفتر ذكريات النادي المصري إلى منتصف العام 1997، تلك الفترة التي كانت بورسعيد تستعد خلالها لاستضافة إحدى مجموعات بطولة كأس العالم للناشئين تحت 17 عامًا والتي نظمتها مصر في هذا العام.
شهد ستاد النادي المصري بهذه المناسبة تطويرًا كبيرًا لمرافقه، شمل تغيير أرضية الملعب وإنشاء مضمار لألعاب القوى من الترتان، وكانت مباراة المصري وبلدية المحلة التي أقيمت يوم الجمعة الرابع والعشرين من ديسمبر عام 1994 هي أولى المباريات التي أقيمت عقب تغيير أرضية الملعب وإنشاء المضمار.
المباراة حضرها آنذاك، اللواء مصطفى صادق محافظ بورسعيد والأستاذ السيد متولي رئيس النادي وسط جماهير غفيرة للنادي المصري سعدت بعودة فريقها إلى ملعبه بعدما لعب مبارياته بالدوري على ستاد دمياط لما يقرب من شهرين كاملين.
وخلال تلك الفترة كان العمل مستمرًا بهدم المدرج الشرقي القديم وإعادة بناءه، بالإضافة إلى تطوير كافة مرافق الاستاد من غرف ملابس وأعمال كهربية وما شابه ذلك.
أما المرحلة الأخيرة من تطوير الاستاد فكانت قبل انطلاق البطولة بعدة أشهر، وتم خلالها رفع كفاءة مدرجات الاستاد بكافة درجاتها، مع الاهتمام بتطوير المقصورة الرئيسية ومدرجات الدرجة الأولى، وكذلك تركيب شاشة الكترونية لعرض نتائج المباريات، بالإضافة إلى تجهيز الملعب لاستضافة المباريات المقامة ليلًا وذلك بعد تركيب الأضواء الكاشفة في الاستاد للمرة الأولى في تاريخ الاستاد.
تطوير الاستاد بهذا الشكل تكلف ملايين الجنيهات تحملتها ميزانية المجلس الأعلى للشباب والرياضة، والذي سعت قياداته في تلك الفترة لنقل ملكية ستاد النادي المصري إلى محافظة بورسعيد مع تشكيل هيئة استاد مستقلة للإشراف عليه وإدارته.
القرارات واللوائح المعمول بها في هذا الشأن كانت تمنع قيام المجلس الأعلى للشباب والرياضة بالإنفاق على تطوير الاستادات في حال ملكيتها لأندية، ومن هنا جاء التفكير في القرار.
مجلس إدارة النادي المصري برئاسة السيد متولي رفض رفضًا قاطعًا فكرة تخلي النادي المصري عن الاستاد تحت أي مسمى ولصالح أية جهة، وذلك رغم الضغوطات الكبيرة التي مورست عليه لاقناعه بتغيير وجهة نظره.
حاولوا إقناع المصري بأنه سيستمر في استخدام الاستاد بكافة مرافقه كما هو الحال وقتها، وأن الأمر لن يكون سوى تغيير اللافتة الموضوعة على الاستاد فقط من ستاد النادي المصري إلى ستاد بورسعيد.
صار هذا الموضوع وقتها حديث الساعة في بورسعيد، فالكل يترقب ماذا سيفعل متولي في مواجهة تلك الضغوطات القوية من جهات عديدة دخل وخارج بورسعيد.
ولأهمية هذا الموضوع، نظمت القناة الرابعة ندوة بأحد برامجها، كانت أشبه بالمناظرة بين السيد متولي ومسئولي اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم للناشئين.
اللجنة المنظمة عرضت وجهة نظرها في هذا الأمر، وأكدت أن النادي المصري لن يُضار إطلاقًا من نقل ملكية الاستاد، وأن بورسعيد بأكملها ستستفيد من تطوير الاستاد واستضافة مباريات المجموعة الرابعة، خاصًة بعدما ظهرت العديد من الأصوات التي تنادي بنقل المجموعة من بورسعيد وإقامتها بأسوان حتى يصبح صعيد مصر ممثلًا في استضافة البطولة التي كان محدداً لاستضافتها مدن القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية.
ومع تزايد حدة النقاش خلال هذا البرنامج ما بين المؤيدين والمعارضين لفكرة نقل ملكية ستاد النادي المصري إلى محافظة بورسعيد، أطلق متولي في غمرة دفاعه عن حق المصري في ستاده تصريحًا اعتبره البعض بمثابة تجاوز في القيادة السياسية آنذاك، لينتشر هذا التصريح انتشار النار في الهشيم ويصبح حديث الساعة في بورسعيد.
هنا تزايدت ضغوط عدد من الجهات لاقناع السيد متولي بتقديم استقالته لتهدئة الأمور، وهو الأمر الذي رفضه تمامًا، مؤكدًا أنه لن يستقيل وفي حالة إقدام الجهة الإدارية على حل المجلس فإنه سيلجأ للقضاء الإداري لعودته مرة أخرى.
وأمام هذا الرفض القاطع لمتولي لتقديم استقالته، ضغط مسئولو الجهة الإدارية على أعضاء مجلس إدارة النادي لتقديم استقالتهم إنقاذًا للموقف حتى يمكن حل مجلس الإدارة بشكل قانوني بسبب فقدانه النصاب القانوني.
وقد أثمرت تلك الضغوط عن إقناع العديد من أعضاء مجلس إدارة النادي المصري بتقديم استقالاتهم الواحد تلو الآخر، في المقابل رفض السيد متولي ومعه السادة علي فرج الله ومحمد جمال أبو عميرة تقديم استقالاتهم، ولكن مجلس الإدارة أصبح غير مكتمل للنصاب القانوني.
هنا أصدر اللواء مصطفى صادق محافظ بورسعيد، قرارا بحل مجلس إدارة النادي المصري، لينتهي بذلك الفصل الأول من قصة السيد متولي مع النادي المصري.
تلك القصة التي بدأت بتعيينه عضوا بمجلس الإدارة عام 1979، قبل أن يتولى رئاسة النادي المصري عام 1980 وحتى عام 1997 تخللتها بعض المجالس المؤقتة، وليدفع السيد متولي بذلك، ثمن تمسكه بستاد النادي المصري ورفضه القاطع لفكرة التخلي عنه.