وُلد نجمنا “أمين إبراهيم رشدي” في حي العرب ببورسعيد عام 1931.
بدأ لعب كرة “الطزة” – وهي كما أسلفنا من قبل كرة تنس الملاعب التي أتقنها أبناء بورسعيد – فظهرت موهبته الطاغية ليصطحبه شقيقه الأكبر “محمد” حارس مرمى نادي البوليس آنذاك لكي يلعب معها بعض المباريات الودية والتدريبات ، حيث ظهر بمستوى مبشر للغاية.
وفي إحدى المباريات بشوارع حي العرب ، يُعجب بأداءه بعض جماهير المصري التي اصطحبته إلى “محمد موسى أفندي” سكرتير عام النادي المصري آنذاك الذي قدمه إلى مدرب الفريق “حسن الديب” الذي أُعجب بأدءه وموهبته ، وكانت مباراته الأولى أمام فريق فيرتوس الايطالي ببطولة منطقة القناة عام 1947 حيث نجح في احراز هدفي المصري في المباراة التي انتهت بفوز المصري بهدفين لهدف.
أما المباراة التي كانت بوابة الشهرة للنجم “أمين رشدي” فقد كانت مباراة الاسماعيلي والمصري التي جرت على ملعب الاسماعيلية القديم في الحادي عشر من ديسمبر عام 1949 ، وهي المباراة التي انتهت بفوز الاسماعيلي بأربعة أهداف مقابل ثلاثة ، حيث أحرز “أمين رشدي” وللمرة الأولى في الملاعب المصرية هدفًا من لعبة مزدوجة خلفية “باك ورد” وهو الهدف الذي صفق له كل من في الملعب بداية من “حمام” حارس مرمى الاسماعيلي في تلك المباراة والذي كان يلعب في صفوف المصري من قبل ،حتى جماهير الاسماعيلي التي صفقت لهذا اللاعب الفذ الذي أحرز هدفًا ولا أروع.
وتوالت بعد ذلك أهداف “أمين رشدي” مع المصري ، حيث سجل هدفين في مباراة ديربي بورسعيد والتي جمعت بين المصري وغريمه بورفؤاد ، وهي المباراة التي أقيمت في الخامس عشر من يناير عام 1950 والتي انتهت بفوز المصري بستة أهداف للاشئ ، ليثأر من هزيمته في الدور الأول بثلاثة أهداف نظيفة.
وواصل “أمين رشدي” تألقه مع المصري حيث كان يُشكل مع زميله “السيد الضيظوي” ثنائيًا هجوميًا قويًا يربك أيًا من خطوط الدفاع ، وكان لأمين رشدي العديد من الأهداف التي سجلها مع المصري والتي تركت بصمة في نفوس المشجعين ومنها هدفه في مرمى الأهلي من ركلة جزاء في المباراة التي أقيمت على ملعب بورفؤاد في السابع عشر من مايو عام 1953 والتي انتهت بالتعادل بهدف لكل فريق ، فبعد أن تقدم الأهلي بهدف “فتحي خطاب” في الدقيقة الرابعة عشر من الشوط الأول ، اُحتسبت ركلة جزاء للمصري في الدقيقة الثالثة عشر من الشوط الثاني ، ورفض غالبية لاعبي المصري تسديدها نظراً لصعوبة موقف الفريق الذي ينافس على نيل اللقب من ناحية ، ولوجود الدولي “عبد الجليل حميدة” حارسًا لمرمى الأهلي من ناحية أخرى ، ومع ذلك تقدم “أمين رشدي” وبكل هدوء وضع الكرة في المرمى محرزاً هدف التعادل والاقتراب من احراز لقب موسم 1953/1952 والذي ضاع من المصري لأسباب عديدة كما تحدثنا من قبل.
وخلال تلك الفترة قاد الثنائي “السيد الضيظوي وأمين رشدي” هجوم المنتخب العسكري باقتدار ، حيث تألق الثنائي في العديد من المباريات فذاع صيت الثنائي ، واستحق “الضيظوي” لقب “ثعلب الملاعب” ، فيما استحق “أمين رشدي” لقب “الزمخشري” والذي أطلقه عليه الناقد الرياضي الراحل “نجيب المستكاوي” ، حيث شبهه بالإمام الزمخشري أحد أئمة الدين والتفسير واللغة والأدب ، وذلك نظرًا لقدرته على إحراز الأهداف الصعبة من الألعاب الأكثر صعوبة ولابتعاده عن اللعب السهل دائمًا.
ومع مطلع موسم 1954/1953 ينتقل “أمين رشدي” إلى نادي الأوليمبي نظرًا لانتقاله للعمل بسلاح السواحل “حرس الحدود حاليًا” ، فيتألق كما لم يتألق من قبل ، ويجئ في المركز الثاني للموسم ذاته في قائمة هدافي الدوري برصيد 18 هدفًا ، ويتواصل عطاءه مع الأوليمبي حتى نهاية موسم 1961/1960 ، حيث سجل خلال تلك الفترة 51 هدفًا ببطولة الدوري جعلته يأتي في المركز الثالث في قائمة الهدافين التاريخيين للنادي الأوليمبي ببطولة الدوري ، فيما يبلغ رصيده الكامل من الأهداف ببطولة الدوري نحو 60 هدفًا منهم تسعة أهداف بقميص المصري الذي عاد للعب له موسم 1962/1961 بصحبة رفيقه “السيد الضيظوي” والذي عاد في الموسم ذاته للمصري قادمًا من الأهلي ، ليتزاملا سويًا لمدة موسم قبل أن يقرر “أمين رشدي” الاعتزال بسبب اصابته في الركبة.
ومن الطرائف التي ذُكرت عن “أمين رشدي” ومهارته الكبيرة في احراز الأهداف ، أن الناقد الراحل “محيي الدين فكري” رئيس القسم الرياضي بمجلة المصور ، كتب مقالًا كبيرًا في منتصف الستينيات يشيد من خلاله بعلي أبو جريشة لاعب الاسماعيلي وفاكهة الكرة المصرية قائلًا أنه يرى في “علي أبو جريشة” قدرًا كبيرًا من مهارة أمين رشدي ودهاءه الكروي وقدرته الفذة على لعب “الباك ورد” والتي كانت في ذاك الوقت مهارة شبه خاصة بالنجم “أمين رشدي”.