خلال تلك السلسلة من المقالات سنعرض العديد من أساطير المصري الذين سطروا تاريخًا كبيرًا داخل القلعة الخضراء على مدار قرن من الزمان، قدموا خلاله الكثير لناديهم فاستحقوا أن يأتي اسمهم ضمن قائمة الأساطير، والآن موعدنا مع الأسطورة الأولى للمصري، النجم التاريخي محمد حسن أول لاعب دولي في تاريخ النادي المصري.
ولد محمد حسن عام 1900 ببورسعيد، بدأ ممارسة كرة القدم في شوارع وحواري المدينة الهادئة فلفت إليه الأنظار بشدة، خاصة مع قدرته الهائلة على التحكم بالكرة وقوة تسديداته الصاروخية بالقدم اليسرى التي كانت مرعبة لجميع الحراس، ومع عام 1916 انضم محمد حسن بصحبة رفاقه عبد المطلب محمد ومصطفى ندا إلى فريق الموظفين والذي كان يضم العديد من اللاعبين ممن يعملون بالمصالح الحكومية ببورسعيد كالجمارك والبريد والبلدية، وصار هناك جمهوراً كبيرا يتابع مباريات هذا اللاعب الفذ.
وفي مارس من العام 1920، تم دمج فريقي الموظفين والأهلي في نادي واحد يحمل اسم النادي المصري، فكان محمد حسن من الجيل الأول الذي نال شرف تمثيل هذا النادي العظيم في مواجهة كافة الفرق الأجنبية داخل وخارج بورسعيد واستطاع محمد حسن مع رفاقه أمثال مصطفى ندا، أحمد هارون، حسن الديب، فؤاد ابراهيم، عبد المطلب محمد، خليل عطا الله، محمود حلمي الزيدي، حسن الشامي، السيد بلال، علي فقوسة، علي تعلب من فرض اسم ناديهم على الجميع داخل وخارج بورسعيد، ونجح محمد حسن في قيادة المصري للوصول إلى نهائي كأس الأمير فاروق “كأس مصر حالياً” عام 1927 بعد مستوى طيب قدمه هذا اللاعب الفذ في مركز الجناح الأيسر وهو الأمر الذي دفع المسئولين عن منتخب مصر آنذاك لضمه إلى صفوف المنتخب الوطني المشارك في أوليمبياد أمستردام عام 1928 والتي نجح خلالها المنتخب الوطني في حصد المركز الرابع.
وعقب العودة من أوليمبياد أمستردام رفض محمد حسن كافة العروض المقدمة له من أندية القاهرة والاسكندرية للانضمام إليها، رغم أن العديد من زملائه بالمصري تركوا ناديهم سعياً وراء الوظيفة الثابتة التي قد توفرها تلك الأندية، ومع انطلاق مشروع القرش الذي دعا إليه حسن فهمي بك رفعت محافظ اقليم القنال آنذاك من أجل دعم النادي المصري وعودة طيوره المهاجرة، عاد المصري أقوى مما كان فنجح الفريق في حصد اللقب الأول له بتحقيق كأس السلطان حسين عام 1933 بعد الفوز على الأوليمبي بهدفين لهدف وهي البطولة التي أسهم فيها محمد حسن بأهدافه الغزيرة في تحقيق لقبها الذي أدخل السرور على قلوب البورسعيدية، وواصل المصري سيطرته على الكرة المصرية فنجح في الاحتفاظ بلقب كأس السلطان حسين عام 1934 بعد الفوز في المباراة النهائية على الأهلي بالقاهرة بأربعة أهداف مقابل هدفين، كان نصيب محمد حسن منها هدفين، ليتم ضم محمد حسن برفقة زميله عبد الرحمن فوزي عقب المباراة مباشرة لمنتخب مصر المشارك في نهائيات كأس العالم بايطاليا عام 1934، ويشارك محمد حسن كأساسي في صفوف المنتخب في المباراة الوحيدة التي خاضها المنتخب أمام نظيره المجري والتي انتهت بفوز المجر بأربعة أهداف مقابل هدفين سجلهما نجم المصري الآخر عبد الرحمن فوزي، وينجح محمد حسن كذلك في قيادة منتخب القناة للفوز بـكأس الملك – التي كان يتنافس فيها مناطق القُطر المصري وأبرزها القاهرة والاسكندرية وقناة السويس – موسمي 1934/1935 ، 1935/1936 ليقرر الاعتزال بعدما تسلم الكأس من الملك فاروق في النسخة الثانية.
من المواقف الطريفة في حياة الراحل محمد حسن: خلال إحدى مباريات المصري وفريق هيسبيريا اليوناني، تأخرت المباراة لما يقرب من نصف ساعة وذلك نتيجة لتخوف حارس مرمى هيسبيريا من قوة تسديدات محمد حسن، ولم تبدأ المباراة إلا بعدما تعهد محمد حسن كتابيا لحكم المباراة بعدم التسديد على المرمى ومع ذلك نجح محمد حسن في احراز خمسة أهداف.
ومن المواقف الطريفة كذلك، تزعم محمود زين العابدين أحد نجوم المصري في الثلاثينيات زملائه داعيًا إياهم لعدم تمرير الكرة لزميلهم محمد حسن بعدما خطف الأضواء من الجميع بأهدافه الغزيرة التي جعلت الجماهير تتغنى باسمه، لذا أقسم اللاعبون على المصحف على عدم التمرير لمحمد حسن، واستمر الحال لمدة شوط وأكثر بإحدى المباريات، حتى مر عبد الرحمن فوزي بالكرة من الجناح ولم يجد سوى زميله محمد حسن متمركزًا تمركزًا صحيحًا فمرر اليه الكرة ليسددها محمد حسن بقوة في الشباك محرزًا الهدف الأول لفريقه وهو الذي تلاه بثلاثة أهداف أخرى محققًا لقب السوبر هاتريك.
عقب اعتزاله لكرة القدم، حرص محمد حسن على العمل في دور الكشاف، حيث كان يتابع مباريات الأندية الشعبية ببورسعيد مع بعضها البعض فينتقي بعينه الخبيرة من يراه مؤهللًا للعب بالمصري واستمر محمد حسن في عطاءه للمصري حتى وافته المنية عام 1969 بعد رحلة كفاح كبيرة سطر خلالها اسمه بحروف من نور في قائمة أساطير المصري.