لم يمر النادي المصري بفترة صعبة على مدار تاريخه مثل التي مر بها عقب عدوان 1967 ، حيث توقف النشاط الكروي المحلي لسنوات ، قبل أن يصدر قرار تهجير محافظات القناة خلال عام 1969 ، ليهاجر مواطني بورسعيد بالكامل إلى محافظات مصر المختلفة من أقصاها إلى أدناها.
غالبية سكان بورسعيد تم تهجيرهم إلى مدينة رأس البر بمحافظة دمياط ، وهي المدينة التي أصبحت مجتمع بورسعيدي مصغر يضم كافة الأطياف ، وتمر السنوات ومع مطلع عام 1971 يبدأ الحديث عن احتمالية عودة النشاط الكروي ، ولكن كيف يمكن للمصري العودة إلى ممارسة نشاطه وهو بتلك الحالة ، فلا مدينة ولا ملعب ولا لاعبين ، هنا ظهر المعدن البورسعيدي النفيس عند رجالات بورسعيد وفي مقدمتهم عبد الحميد حسين رئيس النادي المصري ومحمد موسى أفندي الناسك في محراب القلعة الخضراء والدينامو محمد لهيطة ، حيث اتخذوا قراراً تاريخياً بالاستعداد لعودة النشاط ، والبداية كانت قيام الكابتن مصطفى الشناوي رمز النادي المصري التاريخي رحمه الله بتجميع اللاعبين الذين يقيمون في رأس البر ، وصارت تلك المجموعة تخوض تدريباتها على ملعب رأس البر ، كما خاضت العديد من المباريات الودية أمام عدد من أندية دمياط والدقهلية وهي المباريات التي كان يزحف المئات من جماهير المصري لمشاهدتها وللهتاف باسم ناديهم الذي غاب اسمه عن حناجرهم لسنوات وسنوات.
وما أن علم باقي لاعبي المصري المهجرين في شتى محافظات مصر بعودة فريقهم الأثير للتدريبات حتى توافدوا واحداً تلو الاخر من كل حدب وصوب ، فهذا يأتي من دلتا مصر وذاك يأتي من صعيدها “الجواني” كما يُقال بالعامية ، واخر يأتي من قاهرة المعز ، ليس هذا فحسب فقد توافد لاعبي المصري – ممن كانوا يقضون خدمتهم العسكرية على جبهة القتال خلال حرب الاستنزاف – على رأس البر أملاً في نيل شرف تمثيل ناديهم ، والعجيب أن هناك عدد من اللاعبين من أبناء بورسعيد تركوا أندية كانوا يلعبون بها رغم المقابل المادي الثابت والوظيفة المضمونة للعودة الى معشوقهم الوحيد النادي المصري ، ولكن يبقى السؤال … من أين كان يوفر النادي تلك النفقات الباهظة للانتقال والاقامة ؟؟ ، والاجابة كانت عند عدد من رموز النادي وفي مقدمتهم الراحل عبد الخالق الدسوقي سكرتير عام النادي انذاك والذي تكفل بجانب كبير من نفقات الفريق وتنقلاته ، كما استخدم اللاعبون كذلك استمارات الشئون الاجتماعية المجانية والمخصصة لسفر المهجرين عبر القطار ، وتبرع أحد محبي النادي للاعبي الفريق بعدد من غرف الإقامة بأحد فنادق رأس البر ، كل هذا الجهد والتضحيات وكل هذا الحب من هؤلاء الأبطال كان دافعه الوحيد هو الحفاظ عن اسم ناديهم ، هذا الإسم الذي لولا كفاح هؤلاء الأبطال لكان في غياهب النسيان.
وبالفعل عاد النشاط الكروي موسم 1972/1971 ، واختار المصري الذي كان يقوده فنيا الكابتن محمد عبد العزيز والكابتن مصطفى الشناوي ملعب دمياط لاستضافة مبارياته ، وكانت مباريات المصري وقتها أشبه بالعيد لأبناء بورسعيد الذين صارت مباريات المصري بالنسبة لهم أكسير الحياة فهي الفرصة الوحيدة للاطمئنان على بعضهم البعض ، واستمر المصري في اللعب بدمياط حتى جاءت مباراة الأهلي التي أقيمت على ملعب دمياط في العاشر من ديسمبر عام 1971 وهي المباراة التي انتهت بالتعادل بدون أهداف بعد مشاحنات عديدة من كلا الجمهورين تسببت فيما بعد في اعتذار دمياط عن استقبال مباريات المصري خلال هذا الموسم الذي لم يكتمل بسبب أحداث الشغب التي وقعت في مباراة الأهلي والزمالك على ستاد القاهرة.
وفي الموسم التالي 1973/1972 اختار المصري ملعب طنطا لاستضافة مبارياته ، وكالعادة استمر المصري في أداء مبارياته حتى جاءت مباراة الأهلي التي أقيمت في الرابع من فبراير عام 1973 والتي انتهت بفوز الأهلي بهدف سجله صفوت عبد الحليم من ركلة جزاء مشكوك في صحتها في الدقائق العشر الأخيرة ، ليسود الهرج والمرج الملعب وتعتذر طنطا كذلك عن استضافة مباريات المصري الذي لم يجد بداً من اختيار ملعب ستاد الزقازيق لاستضاف مبارياته ، ورغم هذه الصعوبات التي من السهل جدا أن تقضي على أي فريق ، حافظ المصري على تواجده وسط الكبار ، بفضل أبطاله العظام الذين نجحوا وبأقل الامكانيات في الدفاع عن القلعة الخضراء رمز الباسلة وأيقونتها الخالدة.
واستمر المصري في معاناته الدائمة باللعب خارج ملعبه ، ورغم التهجير وحالة الحرب حاول مسئولي المصري اقناع اللواء عبد التواب هديب محافظ بورسعيد والأستاذ علي ابراهيم سكرتير عام المحافظة بعودة ستاد المصري لاستضافة مباريات النادي وتدريباته إلا أن أجهزة الدولة رفضت هذا الأمر خاصة في ظل صعوبة استصدار التصريحات الخاصة للاعبين من أجل الدخول الى بورسعيد التي كانت خلال تلك الفترة منطقة عسكرية محظور دخولها الا بتصريح مسبق.
وكالعادة استمر المصري في أداء مبارياته موسم 1974/1973 خارج ملعبه وهو الموسم الذي لم يكتمل لقيام حرب أكتوبر المجيدة ليتم الغاء الدوري ويتم الاستعاضة عنه ببطولة أكتوبر التنشيطية التي خاض المصري مبارياته خلالها على ستاد الزقازيق ، ليستمر الحال كما هو عليه حتى صدر قرار الرئيس السادات منتصف عام 1974 بعودة المهجرين الى مدنهم ، لتنطلق أفراح البورسعيدية في ربوع مصر ، ولما لا وقد عادت الروح الى الجسد فقد غابوا عن بورسعيد لسنوات ولكنها لم تغب عن وجدانهم ولو لثوانٍ معدودة.
تحية إعزاز وتقدير لهذا الجيل العظيم من اللاعبين والذي يضم نخبة رائعة من النجوم قلما تتكرر ومنهم على سبيل المثال لا الحصر : السيد عبد اللاه ، عبده صالح ، فاروق رضوان ، أشرف أبو النور ، السيد سيف ، محمد سليم ، حسين صالح ، عزت الشافعي ، طه الديب، محمد شاهين ، محمد عبد الرازق الكتشي، سمير الغزناوي ، السيد علي الصغير ، عبود الخضري ، صابرحسن ، حسن الفلاح ، عبد العزيز بدران ، عبده ابو حسين ، نظمى زين العابدين ، حامد الزهار، سمير ياسين ، رافت ابو عمر ، ميمي الزغبي ، هاني مرسي ، محمد الفقي ، فوزى عبد العال ، ميمي ابو العلا ، عبد الله عبد اللطيف ، محمد عبود السنجأ ، محمود عبادى ، سعد نور ، مسعد نور ، سمير التفاهني ، شيرين ابو النور ، العربي الشامي ، سامي ابو عميرة ، محمود نخالة ، مدحت فقوسة ، سعد مبارك ، محمد اسماعيل ، أحمد متولي ، السيد النمر ، ميمي دهب ، خميس كشك ، أبو بكر الصديق ، جلال عيد ، ، مسعد السقا ، جمال فؤاد ، ممدوح عبد الرازق.
يتبع ،
