م يكن هناك حديث للناس في بورسعيد سوى عن كيفية سفر جماهير المصري إلى القاهرة لمؤازرته في مباراة نهائي كأس السلطان حسين والتي تجمعه بالأهلي والمقرر إقامتها يوم الأحد السادس من مايو عام 1934 على ملعب السكة الحديد بحي جزيرة بدران بشبرا.
الجماهير الوفية تدرك أن فريقها وهو حامل اللقب يحتاج إلى المؤازرة الجماهيرية خاصة وأنه يلعب في القاهرة معقل منافسه ووسط جماهيره التي طالبت إدارة المصري أن تُحضر معها كأس البطولة الذي لن يعود إلى بورسعيد مرة أخرى.
اجتماعات مسئولي المصري المستمرة بمسئولي هيئة السكك الحديدية أسفرت عن تخصيص قطار يحمل جماهير المصري صبيحة يوم المباراة إلى القاهرة على أن يعود بالجماهير عقب نهاية المباراة في سابقة هي الأولى في تاريخ الرياضة المصرية ، مجلس إدارة المصري وأعيان بورسعيد ساهموا فيما بينهم في توفير كافة النفقات المطلوبة لتلك الرحلة.
وتزداد حالة الشحن الجماهيري بتلك المدينة الصغيرة فالكل مصمم على السفر للوقوف خلف فريقه وهو ما حدث بالفعل ، فالألاف من أبناء بورسعيد شقوا سكون مدينتهم الهادئة في طريقهم إلى محطة القطار وهم يهتفون ويتغنون بقوة ناديهم ، وكان المشهد مهيبا داخل القطار الذي اكتظ بمشجعي المصري الذين لم يجدوا بدا سوى اعتلاء سطح القطار الذي وصل بسلام لمحطة مصر بالقاهرة ، وكان على هؤلاء المشجعين أن يشقوا طريقهم إلى حي شبرا سيرا على الأقدام في مشهد بهيج ، اختلاط أبناء بورسعيد بالجاليات الأجنبية المنتشرة في مدينتهم انعكس على سلوكياتهم واناقتهم فهم في وسط القاهرة كانوا أشبه بالسائحين ، وتضطر حكمدارية أمن القاهرة أن تُخلي مدرجا كاملاً لأبناء بورسعيد الذين فاق حضورهم كل التوقعات فاضطر الكثيرون منهم لمشاهدة المباراة وقوفا.
بدأت المباراة بسيطرة للمصري أسفرت عن هدفه الأول والذي سجله لاعبه الدولي الكبير محمد حسن ليتعادل الاهلي بعدها بهدف مختار التتش ، لينتهي الشوط الأول بالتعادل الإيجابي بهدف لكل فريق وفي الشوط الثاني كشر المصري عن أنيابه ونجح لاعبوه في نصب السيرك وترويض لاعبي الأهلي بعد تسجيلهم لثلاثة أهداف متتالية عن طريق ألماظ ، السيد الحلبي ، محمد حسن وهي الأهداف التي تراقصت معها جماهير المصري طربا في ظل سكون تام لمشجعي الأهلي الذي حاول لاعبوه حفظ ماء وجههم فسجلوا هدفا ثانيا عن طريق حسين حمدي لتنتهي المباراة بفوز المصري بأربعة أهداف مقابل هدفين لتشتعل فرحة جماهير المصري بالملعب ، ولكن ؟!!!
ماذا عن جماهير المصري ببورسعيد والتي لم تتمكن لسبب أو لآخر من السفر ؟! ، كيف ستعرف خبر فوز فريقها في ظل عدم وجود أي وسيلة للتواصل ومعرفة نتيجة المباراة ؟! الحل كان عند مسئولي المصري الذين رافقوا الفريق إلى القاهرة ، حيث أجروا اتصالات هاتفية عبر الترنك بذويهم ببورسعيد فور انتهاء المباراة ، كذلك أبلغت حكمدارية أمن القاهرة نظيرتها في بورسعيد بنتيجة المباراة وسرعان ما انتشر هذا الخبر في بورسعيد انتشار النار في الهشيم ، لتخرج بورسعيد عن بكرة أبيها تستقبل أبناءهم وهم عائدين بالكأس الغالي الذين أقسموا إلا وأن يعودوا به إلى مدينتهم التي عاشت فرحة أسطورية واقيمت الأفراح لأيام وأيام وانهالت حفلات التكريم على اللاعبين ، ولكن كان للحفل الذي أقامه عبد الرحمن باشا لطفي رئيس النادي المصري لاحقا النصيب الأكبر من اهتمام الجماهير خاصة بعدما منح كل لاعب ممن خاضوا المباراة مكافأة كبيرة وصلت إلى جنيهين !!
تحية اعزاز وتقدير لجيل عظيم من اللاعبين الذين شاركوا في تحقيق تلك البطولة وهم على مبروك حارس المرمى ، عبد الرحمن فوزى ، محمد حسن ، السيد الحلبي ، محمود زين العابدين ، ابراهيم بكير ، عبد العزيز المقدم ، عبود الجمل ، حلمي مصطفى ، حسن الشامي ، محمد تعلب ، عبده عبدون ، ألماظ تحت قيادة مدربهم حسن الديب.
يتبع
مح
