المكان : مبنى محافظة بورسعيد القديم بشارع كتشنر (شارع 23 يوليو سابقا).
الزمان : ظهر السبت الموافق الخامس والعشرين من مارس عام 1933.
الحدث : اجتماع لمسئولي النادي المصري مع مسئولي محافظة بورسعيد بحضور مسئولي حكمدارية الأمن ومسئولي شركة هيئة قناة السويس العالمية وذلك للتنسيق مع بعضهم البعض حول المباراة المرتقبة بنهائي كأس السلطان حسين التي تجمع بين المصري والأوليمبي والمقرر اقامتها على ستاد بورفؤاد في اليوم التالي الأحد الموافق السادس والعشرين من مارس 1933.
المعلومات الواردة إلى المحافظة تؤكد أن الاستاد سيكون مكتظا بجماهير المصري منذ ساعات الصباح الباكر ، وهو الأمر الذي تسبب في عدم اقامة المباراة على ملعب المصري القديم بشارع أحمد عرابي والذي لن يستوعب تلك الجماهير، وبناء على تلك المعلومات تم التأكيد على تجهيز شركة هيئة قناة السويس العالمية للمعديات ما بين بورسعيد وبورفؤاد لنقل الجماهير والتي من المتوقع أن يصل عددها لما يزيد عن سبعة ألاف مشجع ، كما تم التأكيد على تواجد الخدمات الأمنية بمدينة بورفؤاد منذ الصباح الباكر.
ومع الساعات الأولى لصبيحة يوم المباراة ، بدأ الزحف ، جحافل جماهير المصري تزحف من كل حدب وصوب ناحية المعديات التي اكتظت بألاف المشجعين وهو الأمر الذي دفع بعدد كبير من أصحاب المراكب الخشبية الصغيرة (الفلايك) لنقل الجماهير مجانا حبا في هذا النادي العريق.
الألاف من الجماهير وصلوا بالفعل الى بورفؤاد تلك الضاحية الهادئة التي تم افتتاحها في شهر ديسمبر من العام 1926 والتي كان عدد سكانها في هذا الوقت لا يتجاوز عدة ألاف غالبيتهم من الأجانب الذين يقطنون الفيلات ذات الطراز الأوربي الجميل والذين خرجوا مرحبين بهذا الجمع الغفير من الجمهور الذي زحف وراءه العشرات من الباعة الجائلين ، فالساعات الطويلة التي سيقضيها الجمهور باستاد بورفؤاد تتطلب سد حاجتهم من المأكولات والمشروبات.
وأمام ستاد بورفؤاد كان الحشد للحصول على تذاكر المباراة التي نفذت قبل انطلاق المباراة بثلاث ساعات على الأقل ،ايراد المباراة أذهل الجميع فقد وصل إلى ثلاثمائة جنيه وهو مبلغ قياسي ربما يتحقق لأول مرة في تاريخ الكرة المصرية.
وبدأت المباراة وسط حالة قلق من جماهير المصري التي استشعرت قوة فريق الأوليمبي – أحد أقوى الأندية المصرية وأكثرها ثراء آنذاك – خاصةً مع سيطرة لاعبيه على مجريات اللعب ، وبالفعل ينجح الأوليمبي في احراز هدف التقدم الذي نزل في البداية كالصاعقة على جماهير المصري التي ما لبثت إلا وعادت للزئير تستحث لاعبيها على القتال بالملعب وهو ما تحقق بالفعل لينجح ابراهيم بكير لاعب المصري في احراز هدف التعادل للمصري ، لتنتهي المباراة في وقتها الأصلي بالتعادل بهدف لكل فريق ويلجأ الحكم الدولي يوسف محمد للوقت الاضافي وهو بالمناسبة أول حكم مصري وعربي وأفريقي يقوم بالتحكيم في نهائيات كأس العالم ، حيث قام بالتحكيم في بطولة كأس العالم بايطاليا عام1934.
وفي الوقت الاضافي يضغط المصري بكل خطوطه ويسفر هذا الضغط عن هدف الفوز الذي أحرزه أحد لاعبي الأوليمبي في مرماه ، لتشتعل فرحة الجماهير التي أشعلت ورق الصحف تعبيرا عن فرحها وهي عادة بورسعيدية خالصة في المباريات ، وتنتهي المباراة بفوز المصري بهدفين لهدف محققاً البطولة الرسمية الأولى في تاريخه ، ويخرج الألاف من جماهير المصري فرحاً بالنتيجة ليجوبوا طرقات ضاحية بورفؤاد الهادئة ومنها عبر المعديات الى بورسعيد التي عاشت ليلة من أجمل لياليها بهذا الفوز الغالي.
تحية اعزاز وتقدير للنخبة الرائعة من لاعبي المصري الذين حققوا أول بطولة في تاريخ ناديهم تحت قيادة مدربهم حسن الديب، تحية لكل اللاعبين : على مبروك حارس المرمى ، عبد الرحمن فوزى ، محمد حسن ، السيد الحلبي ، محمود زين العابدين ، ابراهيم بكير ، عبد العزيز المقدم ، عبود الجمل ، حلمي مصطفى ، حسن الشامي ، محمد تعلب ،عبده عبدون ، عباس حمزة.
ولمن يهوى التوثيق والتاريخ نعرض مشوار المصري في هذه النسخة من البطولة والذي بدأه في السابع والعشرين من نوفمبر 1932 بالفوز على فريق هيسبيريا – الممثل للجالية اليونانية – بهدفين للاشئ سجلهما محمد حسن والسيد الحلبي بعد تألق كبير لحارس المصري علي مبروك الذي نجح في التصدي لركلتي جزاء ليصعد المصري للدور التالي ويفوز بالانسحاب على فريق التمساح – احدى فرق محافظة الاسماعيلية – بالانسحاب في المباراة التي كان مقرراً اقامتها في الأول من يناير عام 1933 ، ليصعد المصري الى الدور ربع النهائي ويفوز على الاتحاد السكندري في التاسع والعشرين من يناير عام 1933 بستة أهداف للاشئ تناوب على تسجيلها محمد حسن “هاتريك” ، وهدفين للسيد الحلبي وهدف وحيد لعبد الرحمن فوزي – صاحب هدفي مصر في كأس العالم 1934 – ، وفي الدور نصف النهائي يفوز المصري على فريق الكينجز وان – أحد الفرق الانجليزية في مصر – في المباراة التي جرت بينهما في الخامس من مارس عام 1933 بسبعة أهداف مقابل هدف سجل للمصري محمود زين العابدين “هاتريك” ، عباس حمزة “هدفين” ، وهدف وحيد لكل من السيد الحلبي وعبد الرحمن فوزي ليصعد المصري الى النهائي وينجح في الفوز على الأوليمبي بهدفين لهدف ويحقق لقبه الأول في تاريخه.
يتبع